الخميس، 28 أكتوبر 2010

جمهورية مصر العربية
وزارة التجارة والصناعة
قطاع بحوث التسويق والدراسات السلعية والمعلومات
الإدارة المركزية لبحوث التسويق والدراسات السلعية
الادارة العامة للسلع الاستثمارية

 

دراسة حول

دور التشريعات الاقتصادية فى

دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة

اعداد
 عبدالنبى عبدالمطلب
خبير اقتصادى

مقدمة :_

بدأت مصر منذ منتصف الثمانينات برنامجا طموحا للتنمية الصناعية ورفع كفاءة الهيكل الصناعى المصرى ، وقد شهدت التسعينات انطلاقة كبرى فى مجال التنمية الصناعية ،وزادت أهمية الصناعات الصغيرة وأصبحت تتمتع بأهمية خاصة فى تحقيق التنمية الاقتصادية ، وترتب على دلك  ارتفاع مساهمة قطاع الصناعة فى تحقيق الناتج المحلى الاجمالى ،لتصل الى معدلات مرتفعة ، كما ارتفعت قيمة الصادرات الصناعية إلى اجمالى الصادرات المصرية الإجمالية ، كما ساهم قطاع الصناعة فى خفض معدلات البطالة ، وفى سبيل الوصول الى الهدف المنشود فى التنمية الاقتصادية وضعت الحكومة ضمن أولوياتها تنمية الصناعات المغذية والصناعات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها أساس التنمية الاقتصادية من ناحية ووسيلة فعالة للقضاء على مشكلة البطالة بين الشباب من ناحية اخرى ،حيث أثبتت التجارب العالمية سواء فى العالم المتقدم كهولندا واليابان ، او الدول حديثة التصنيع فى جنوب وشرق أسيا أهمية الصناعات الصغيرة فى التنمية .

  ومن هنا كانت فكرة الصندوق الاجتماعى للتنمية ، وقروض الشباب وغيرها من وسائل تشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة فى مصر باعتبارها من أهم وسائل التنمية الاقتصادية ، والاستفادة من الدور الفاعل الذى أدته هذه الصناعات فى النمو بالاقتصاديات التى طبقت برامج النهوض بالصناعات الصغيرة .

 وفى هذه الدراسة سوف نحاول التعرف على خصائص الصناعات الصغيرة  ، وأهميتها  ، ثم المعوقات التى تعترض نموها ، واخيرا الاستراتيجية المقترحة لمواجهة هذه العقبات حتى تتمكن هذه الصناعات من أداء الدور المنوط بها فى رفع معدلات النمو ، وذلك من خلال المباحث التالية :_

المبحث الأول   :  تطور الصناعات الصغيرة فى مصر.

المبحث الثانى  :  دور الصناعات الصغيرة فى التنمية الشاملة .

المبحث الثالث  :  التجارب الدولية الناجحة فى مجال المشروعات الصغيرة .

المبحث الرابع : معوقات المشروعات الصغيرة والاستراتيجية المقترحة لمواجهتها .



المبحث الاول

تطور الصناعات الصغيرة فى مصر


أولا : تطور الصناعات الصغيرة فى مصر:
*المرحلة الاولى :-
بدأت المرحلة الأولى بإنشاء لجنة التجارة والصناعة عام 1916 ، ثم إنشاء بنك مصر عام 1920 على يد الاقتصادى المصرى الكبير طلعت حرب لتمويل الصناعة المصرية وصغار المستثمرين ، وفى عام 1924 أنشئ الاتحاد المصرى للصناعات بهدف تطوير وتعديل السياسة الجمركية وتشجيع إقامة المنشات الصناعية التمويلية  ، وخلال الفترة من سنة 1930-1939 أنشئت العديد من المصانع فى العديد من المجالات مثل صناعة السكر والكحول والأسمنت وغزل القطن وغيرها.

المرحلة الثانية :-

بدأت المرحلة الثانية من مراحل تطور الصناعات الصغيرة فى مصر مع  قيام الحرب العالمية الثانية (1939-1945) حيث ارتفع خلالها عدد المصانع الى حوالى 192 ألف مصنع فى كافة المجالات الصناعية واستوعب عدد كبير من العمالة .

المرحلة الثالثة :-

وتشمل الفترة من 1945-1952 واتسمت الصناعات التحويلية خلال هذه الفترة سوء الإدارة وانخفاض الإنتاجية وارتفاع التكاليف مما أدى إلى تناقص عدد الصناعات الصغيرة .

المرحلة الرابعة :-

وتشمل الفترة من 1952 1959 واتسمت هذه الفترة بالاهتمام بالسياسة الاقتصادية فى مجال التوسع الصناعى حيث أنشئ المجلس الدائم لتنمية الإنتاج القومى فى عام 1952 والذى أصدر عدة تشريعات لتسهيل الاستثمار فى مجال الصناعة والرسوم الجمركية وتنظيم استثمار رأس المال الاجنبى وتسهل استيراد السلع الرأسمالية .

   وفى يوليو 1956 أنشئت وزارة الصناعة والتى قامت بإعداد برنامج الصناعة الاول فى عام 1957 والذى اشتمل على إقامة مجموعة من الصناعات التمويلية بلغت تكاليفها 250 مليون جنيه.
وفى عام 1957 وضعت الدولة كل ما يمتلكه القطاع العام تحت إشراف إدارة موحدة هى المؤسسة الاقتصادية.

المرحلة الخامسة :-

وهى مرحلة التنمية الصناعية الشاملة وبدأت مع بداية خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الاولى . حيث أولت اهتماما خاص بقطاع الصناعة حيث بلغت جملة الاستثمارات فى المجال الصناعى حوالى 403.9 مليون جنيه فى حين ان تلك الاستثمارات لم تتجاوز 49.3 مليون جنية فى بداية هذه المرحلة .

وفيما يتعلق بموقف الصناعات الصغيرة من الخطط الاقتصادية والاجتماعية فان مشروعاتها موزعة بين القطاعات الصناعية المختلفة ، غير ان معظم منشات الصناعات الصغيرة كانت تساهم بدور فعال فى الاقتصاد القومى  المصرى ، برغم تركيز الحكومة أنذراك على الصناعات الثقيلة والقطاع العام .

وبتأميم بنك مصر والشركات التابعة له وتمصير ممتلكات الأجانب سيطرت الدولة على النشاط الاقتصادى والصناعى واصبح القطاع العام صاحب الدور الرئيسى فى عملية التصنيع وأهملت الصناعات الصغيرة والقطاع الخاص.

















المبحث الثانى :

 دور الصناعات الصغيرة فى التنمية الشاملة

أولا : خصائص الصناعات الصغيرة

 تتميز الصناعات الصغيرة بالعديد من الخصائص التى تميزها عن غيرها من أهمها النقاط التالية :_
  §                 انخفاض مستويات معامل رأس المال / العمل
  §                 انخفاض الحجم المطلق لرأس المال اللازم لإنشاء وتشغيل المنشآت الصناعية الصغيرة.
  §                 اختلاف أنماط الملكية.
  §                 انخفاض القدرات الذاتية على التوسع والتطوير والتحديث.
  §                 ارتفاع كثافة العمل بها.
  §                 خدمة الأسواق المحدودة والمتخصصة.

ثانيا :-مجالات الصناعات الصغيرة:
من الصعب تحديد مجالات الإنتاج الأكثر ملائمة للمنشآت الصغيرة على نحو دقيق أو حتى قصرها على قطاع معين من القطاعات الإنتاجية مثل قطاع الصناعات التحويلية. ولذا فإن الأسلوب الأمثل هو تحديد العمليات والمراحل الإنتاجية التى يمكن إتمامها بشكل مستقل فى منشآت صغيرة باستخدام تكنولوجيا حديثة. ويمكن إجمال هذه الصناعات فى:
        §           عمليات التجميع
        §           عمليات تشكيل وتشطيب السلع النهائية
        §           عمليات تصنيع بعض مكونات وأجزاء السلع النهائية (صناعة مغذية)
        §           عمليات تصنيع بعض مستلزمات التجميع والتشكيل والتشطيب (صناعة مغذية)

وهناك عدة مجالات تستطيع الصناعات الصغيرة ان تساهم فيها وتؤدى الى زيادة الناتج القومى الإجمالى من أهمها:
1- الصناعات المغذية:
        تعتمد الصناعات المغذية على عمليات تصنيع بعض مكونات السلع النهائية، وتصنيع بعض مستلزمات التشكيل والتشطيب، لتحقيق روابط إنتاجية بين المنشآت الصغيرة لذلك يلزم إقامة المجمعات الصناعية المتكاملة بما يتيح هيكل تشغيل متوافق ومتكامل.

2- التعبئة والتغليف:
هذا المدخل فعال فى تطوير الصناعات الصغيرة حيث أن مهمة الغلاف هى أنه يحوى ويحمى ويبيع.

3- الصناعات التجميعية:
يمكن أن تتم عملية التجميع مثل تجميع أجهزة الترانزيستور والسيارات كصناعة صغيرة متقدمة، وبالتالى يمكن استغلال الطاقات المتاحة أفضل استغلال ممكن والتوظيف والاستفادة من وفورات الإنتاج وتعظيم العائد.

ثالثا : دور الصناعات الصغيرة فى تخفيض العجز فى الميزان التجارى:
يمكن تنمية دور الصناعات الصغيرة فى علاج العجز فى الميزان التجارى وذلك من خلال منهج متكامل من خلال المحاول التالية:
1-إقامة مجمعات الصناعات الصغيرة :
حيث تتركز الصناعات الصغيرة فى مجمعات ضخمة تعمل جميعها تحت مظلة واحدة يحدث بينها تكامل، وتتحقق من خلالها وفورات النطاق والسعة، والتشغيل الكامل، والمنافسة الاقتصادية التى تؤدى إلى التطوير والإبداع، وملائمة السعر وكفاءة الإنتاج وتنشأ المجمعات الصناعية إما فى أطراف المدن القديمة (مثل مدن الحرفيين) أو فى مناطق قائمة بذاتها فى المدن الجديدة (مثل العاشر من رمضان الصالحية العامرية الجديدة .. الخ) أو وحدات مترابطة فى القرى والنجوع. وتتوافر فى مصر الموارد التى تعتمد عليها مجمعات الصناعات الصغيرة سواء كانت موارد زراعية أو حيوانية أو تعدينية.
2-الصفقات المتكافئة :
يمكن للصناعات الصغيرة أن يكون لها دور فى تنشيط عملية التصدير وعلاج عجز ميزان المدفوعات من خلال الصفقات المتكافئة حيث تتمكن المشروعات الصغيرة من الحصول على مستلزمات إنتاجها غير المتوافرة محلياً مقابل تصدير جزء أو كل إنتاجها الذى استخدمت فيه هذه المستلزمات ومن ثم تحقيق فائض وقيمة مضافة حقيقية خاصة مع الالتزام بمعايير الجودة الشاملة والمتكاملة لزيادة القدرة التسويقية للمنتجات من خلال الأخذ فى الاعتبار متغيرات ومطالب الأسواق العالمية.
3-مدى إمكانية مساهمة الصناعات الصغيرة فى تخفيض العجز التجارى:
هناك زيادة فى الصادرات المصرية إلا أن معدل زيادتها أقل من معدل الزيادة فى الواردات مما أدى إلى تزايد العجز فى الميزان التجارى وذلك من خلال ثلاثة مجالات رئيسية هى :
زيادة الصادرات ، والإحلال محل الواردات ، وتعديل السياسات التجارية
وسوف نحاول استعراض هذه المجالات بشئ من التفصيل  فيما يلى .
أ- زيادة الصادرات:
يلاحظ أن هناك بعض الصناعات الصغيرة التى توجه منتجاتها إلى التصدير جزئياً أو كلياً لذلك يجب أن تسهم الدولة فى إنشاء نظم معلومات للتصدير توجه لخدمة الصناعات الصغيرة وتمدها بالمعلومات اللازمة لها حيث يعمل نظام المعلومات على تحقيق التنمية الرأسية للصادرات وزيادة حجم المصدر من السلع التقليدية وغير التقليدية، كما يساعد على التنمية الأفقية بتنويع المنتجات المصدرة  وزيادة عنصر التشكيل والتعدد فيها لتحقيق مزيد من الإشباع للأسواق الخارجية وللتوافق مع احتياجات ورغبات المستهلكين فيها، وفى الوقت ذاته فإن وفرة البيانات والمعلومات وإطلاع متخذ القرار عليها وإدراكه لعلاقاتها سوف تساعد على ترشيد استخدام الموارد المتاحة للمنشأة والقضاء على كافة صور التوقف أو التعطل لديه وإتاحة ما لديه من طاقات غير مستغله لاستخدامها فى مشروعات أخرى ومن ثم تحقيق اقتصادية التشغيل لديه بما يمكنه من تخفيض أسعار الإنتاج وسعر البيع والتوجه إلى التصدير بفاعلية.

ب - الإحلال محل الواردات:
يمكن للصناعات الصغيرة العمل على زيادة قدرة الدولة على تحسين ميزانها التجارى من خلال زيادة معدل الإحلال محل الواردات من مستلزمات الإنتاج والتى لا تزال تمثل نسبة هامة من الواردات المصرية وذلك من خلال التشجيع على عقود عمل بين الشركات الكبرى والصناعات الصغيرة .

ج - تعديل السياسات التجارية:
يجب العمل على التحول النوعى فى الصادرات المصرية من السلع التصديرية الخام إلى المنتجات التى ترتفع فيها درجة التصنيع، وتعديل هيكل التعريفة الجمركية واستخدام نماذج اقتصادية متقدمة للتنبؤ باتجاهات المتغيرات التسويقية وغير التسويقية وحماية الصناعة المحلية الصغيرة من سياسات الإغراق.

رابعا : دور الصناعات الصغيرة فى تحقيق التصنيع والتنمية:
تتمثل أهمية الصناعات الصغيرة بصفة خاصة فى أن هذه الصناعات إنما تتطلب عادة قدراً محدوداً من رأس المال والمهارات الفنية والإدارية، كما أنها توفر فرصاً طيبة وسهلة للعمال وتنمية المهارات الإدارية وخاصة فى المناطق الريفية والتى تتميز بارتباط الفرد بموطنه، وذلك على الرغم من الندرة النسبية لفرص العمل وانتشار البطالة بصورها المختلفة فى هذه المناطق. وهكذا فلا تقتصر أهمية الصناعات الصغيرة على كونها مجرد طاقة إنتاجية مولدة للإنتاج والدخل وفرص العمل بل أنها أكثر من ذلك تكون بمثابة المورد الذى تحصل منه الدولة على ما تحتاجه من الخبرات والمهارات الفنية والتنظيمية والإدارية اللازمة للتطور الصناعى، كما أن بعض الصناعات الصغيرة وخاصة تلك التى تعتمد على التخصص الحرفى والمهارات الإنسانية تتمتع بالقدرة على المنافسة فى الأسواق العالمية مما يعطى لها أهمية خاصة فى مجالات تنمية الصادرات والحصول على العملات الأجنبية النادرة واللازمة لتحسين أوضاع موازين مدفوعات البلدان النامية. فالصناعات الصغيرة تساهم فى تحقيق الآتى:
        ·           تعظيم فرص العمالة والناتج الصناعى .
        ·           تعظيم الفائض الاقتصادى ورفع الكفاءة الإنتاجية .
        ·           تنمية الصادرات.
        ·           تكوين الكوادر الإدارية المحلية وجذب المدخرات .
        ·           توزيع الصناعة وتحقيق التنمية الإقليمية.
وسوف نحاول فى الأسطر التالية شرح هذه البنود بشئ من التفصيل

1-المساهمة فى تعظيم فرص العمالة والناتج الصناعى:
نظراً لمشاكل البطالة التى تعانى منها معظم الدول النامية ونظراً لانخفاض قدرة القطاع الزراعى على استيعاب هذه العمالة، لذا فقد كان الملجأ الوحيد هو توجيهها إلى الإنتاج الصناعى من خلال المشروعات الصغيرة التى تتميز ببساطة أساليب الإنتاج واستخدامها للعمالة المكثفة .
ولعل السبب فى ذلك يرجع إلى أن الصناعات التى تتطلب كثافة رأسمالية مرتفعة لابد أن تتم فى منشآت كبيرة الحجم بسبب عدم إمكان تجزئة الاستثمارات الرأسمالية، فضلاً عن أنها تتطلب حجماً كبيراً من الإنتاج حتى يمكن تخفيض تكلفة الوحدة المنتجة من رأس المال الثابت، وبناء عليه تكون المنشآت الصناعية الصغيرة أقدر على توفير فرص عمالة مباشرة وتعظيم الناتج الصناعى.

2-المساهمة فى تعظيم الفائض الاقتصادى ورفع الكفاءة الإنتاجية:
تمتلك الصناعات الصغيرة من عناصر النجاح مايمكنها من التفوق فى بعض المجالات ، وبخاصة الأنشطة التى تناسب الانتاج الصغير الحجم ، والتى لا تظهر فيها أهمية وفورات الحجم مثل الصناعات التى تعتمد على المهارات اليدوية للعامل أو الأنشطة التى تخدم سوق ضيق. وأخيراً فإن هذه الصناعات تحقق كفاءة اجتماعية من حيث استخدام الموارد النادرة بكفاءة أكبر وتحقق وفر فى عنصر رأس المال.

3-المساهمة فى تنمية الصادرات:
تعانى معظم الدول النامية من عجز فى ميزان المدفوعات وبصفة خاصة فى الميزان التجارى، ولذا كان من الضرورى تنمية الصادرات وتعظيم العائد الصافى المتحقق منها. لذا فإن دعم قطاع الصناعات الصغيرة يمكن أن يقوم بدور هام وذلك على النحو التالى:
-   إمكانية تلبية احتياجات الأسواق الخارجية نظراً للمرونة الذى يتميز به قطاع الصناعات الصغيرة من حيث تغيير برامج الإنتاج طبقاً لاحتياجات هذه الأسواق بالإضافة إلى كسب أسواق جديدة وبخاصة الصناعات اليدوية ذات الجودة العالية.
-   استخدام العمالة الكثيفة العنصر المتوفر بكثرة يترتب عليه انخفاض تكلفة الوحدة المنتجة ومن ثم تزيد من إمكانية تصدير هذا المنتج بكمية كبيرة.
-   ربط المشروعات الصغيرة بالمنشآت الكبيرة عن طريق التعاقد من الباطن أو عن طريق تزويد المشروعات الكبيرة بما تحتاجه من أجزاء تامة الصنع أو نصف مصنعة.
4-المساهمة فى تكوين الكوادر الإدارية المحلية وجذب المدخرات:
تعتبر الصناعات الصغيرة هى الحقل الطبيعى للتدريب واكتساب الخبرات والمهارات الفنية اللازمة للإنتاج، ومن ناحية أخرى فإن هذه الصناعات تعمل على جذب مدخرات صغار المدخرين واستخدامها استخداماً منتجاً بعد أن كانت عاطلة لما تتميز به هذه الصناعات من محدودية رأس المال المستثمر.

5-المساهمة فى توزيع الصناعة وتحقيق التنمية الإقليمية:
نظراً لطبيعة الصناعات الصغيرة فيمكنها أن تقوم بدور هام فى تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية هامة والتى من بينها ما يأتى:
-تنويع الهيكل الصناعى:
ويتم ذلك عن طريق إما إمداد الصناعات الكبيرة ببعض مستلزمات الإنتاج أو التخصص فى إنتاج سلعة معينة بدلاً من استيرادها من الخارج
-توزيع الصناعة:
أصبح إقامة المصانع فى المدن الكبرى أمراً غير مرغوب فيه لما فيه من مساوئ اجتماعية واقتصادية وبيئية وضغط على المرافق، لذا فإن توزيع الصناعات الصغيرة على المدن الجديدة والريف يساهم فى :_
-تحقيق التنمية الاقتصادية داخل الدولة.
-التخفيف من حدة مشكلة الفقر فى المناطق النائية والريفية وتقليل الفروق القائمة بين الريف والحضر
-دعم الروابط بين الصناعات الزراعية والصناعية عن طريق نشر هذه الصناعات المناطق الريفية.
-وقف حركة الهجرة من الريف إلى المدن نتيجة لتوفير فرص العمل فى هذه الصناعات الصغيرة الناشئة.








المبحث الثالث

 التجارب الدولية الناجحة

فى مجال المشروعات الصغيرة

مقدمة

تلعب الصناعات الصغيرة دورا رئيسيا فى الاقتصاد القومى لدول العالم المتقدمة والنامية على حد سواء وفى هذا المبحث سوف نحاول إلقاء الضوء على تجربتين عالميتين فى هذا المجال  الأولى والتى سنعرض لها باختصار : هى تجربة الولايات المتحدة الأمريكية كمثال على الدول المتقدمة اما التجربة الثانية والتى سوف نعرضها ببعض التفصيل فهى التجربة الهندية لان الهند تعد واحدة من الدول النامية الفقيرة ويمكن لمصر الاستفادة منها لتشابه الظروف الاقتصادية فى البلدين. 

أولا : التجربة الأمريكية :-

تشكل الصناعات الصغيرة نسبة كبيرة من حجم الصناعات فى الولايات المتحدة الأمريكية حيث تصل الى 90% من حجم الصناعات الأمريكية وقد أنشئت الولايات المتحدة الأمريكية فى عام 1936 هيئة حكومية مركزية تسمى ( إدارة المنشآت الصغيرة )لمساعدة وتدعيم وتنمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة بها وحمايتها من خلال برامج موسعة لها.
وتقدم الحكومة الأمريكية الدعم لهذه الصناعات من خلال ما يلى :-
-تخفيض الضرائب على المشروعات والصناعات الصغيرة .
-تقديم تسهيلات ائتمانية لشراء الآلات والخامات وزيادة رأس مال العامل.
-تقديم برامج تدريبية متخصصة لكافة الجوانب الفنية والإدارية لتطوير الصناعات الصغيرة .
-تقديم الاستشارات والخبرات الفنية لرجال الأعمال من خلال المتخصصين فى كافة المجالات مثل الاقتصاد والبنوك والإعلان والتسويق و إدارة الأعمال .
-تحقيق التكامل بين الصناعات الصغيرة والصناعات الكبيرة لتحقيق الرخاء الكلى وانتعاش الاقتصاد الأمريكى وكمثال لذلك فان 64% من الموردين لشركة جنرال موتورز الأمريكية (26الف مورد) هم من أصحاب الصناعات الصغيرة.
ثانيا : التجربة الهندية :
تعد الهند من الدول النامية الرائدة فى مجال الصناعات الصغيرة ، حيث أنشئت فى منتصف الخمسينات منظمة لتنمية الصناعات الصغيرة فى الهند تسمى المنظمة المركزية للصناعات الصغيرة ولها شبكة فى جميع أنحاء الهند .وتقوم هذه المنظمة بوضع برامج وسياسات تنمية وتطوير الصناعات الصغيرة فى الهند.
وقد تم إنشاء العديد من المجتمعات الصناعية فى الهند لتضم معظم المشروعات الصغيرة بدلا من الانتشار العشوائى لهذه الصناعات ومن مظاهر مساهمة الحكومة الهندية فى مجال تنمية وتطوير الصناعات الصغيرة ما يلى :
-تقديم خدمات التمويل لقطاع الصناعات الصغيرة من خلال البنوك التجارية وبنك الهند للتنمية الصناعية والبنوك التعاونية والإقليمية وذلك بأسعار فائدة ميسرة .
-إنشاء جهاز قومى للصناعات الصغيرة يقدم خدماته المتعددة لصغار المستثمرين واصحاب الصناعات الصغيرة لتوفير المعدات المحلية والمستوردة لمصانعهم .
-تقديم إعفاءات ضريبية للصناعات الصغيرة وصلت فى بعضها الى حوالى 100% .
-توفير خدمات استشارية فنية و إدارية للصناعات الصغيرة .
-إحداث التعاون بين الوحدات صغيرة الحجم والوحدات الكبيرة الحجم سواء فى القطاع العام أو القطاع الخاص .
-إقامة مجتمعات صناعية جديدة تضم صناعات صغيرة جديدة تساهم بالمكونات الصغيرة المطلوبة للصناعات كبيرة الحجم.
وبهذا فقد اهتمت الحكومة الهندية منذ ما يزيد على 52 عاما وتحديدا بعد الاستقلال .
وقد أسفر ذلك عن زيادة عدد الوحدات الصناعية الصغيرة الى اكثر من 3ملايين وحدة عام 1998 بلغت قيمة انتاجها السنوى 10مليارات دولار وحققت معدل نمو قدرة 11.3% وتستوعب 16.7% مليون عامل وبلغ حجم صادرات المشروعات الصغيرة 9.8 مليار دولار بنسبة 35% من اجمالى الصادرات الصناعية الهندية.


المبحث الرابع

معوقات المشروعات الصغيرة

والاستراتيجية المقترحة لمواجهتها

ـــــــــــــــ

اولا :معوقات تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة :_

تعانى الصناعات الصغيرة من العديد من المعوقات التى تعرقل انطلاقها وفيما يلى سوف نحاول التعرف على أهم هذه المشاكل :.

1-مشكلة الائتمان والتمويل :_

تحتاج المصانع الصغيرة الى التمويل لممارسة نشاطها والحصول على مستلزمات الانتاج ، وغالبا ما تحجم البنوك ومؤسسات التمويل المختلفة من تقديم التمويل اللازم لهذه المشروعات وتتشدد فى طلب الضمانات التى لا تستطيع هذه المصانع توفيرها .كما ان سعر الاقراض لهذه المشروعات غالبا ماتكون مرتفعة بالمقارنة بسعر الاقراض للمشروعات الكبيرة .

2-مشكلة الحصول على المكان الملائم لإقامة المصنع :_

غالبا ما يجد المصنع الصغير صعوبة فى تدبير المكان الملائم لإقامة المبانى والمنشآت التى يحتاج اليها ، إضافة الى عدم القدرة على توفير مقومات البنية الأساسية اللازمة للعملية الإنتاجية ، كما يلاقى صعوبات فى عمليات النقل من والى مكان الانتاج .

3- مشاكل عدم توافر القوى العاملة المدربة :_

تضطر المصانع الصغيرة الى توظيف عمالة غير ماهرة ، وتتحمل تكاليف تدريبهم ، اذ ان العمالة الماهرة عادة ما تفضل الالتحاق بالعمل لدى المصانع الكبيرة .

4-عدم توافر المعرفة التكنولوجية والادارية :_

         تواجه الصناعات الصغيرة مشكلة عدم القدرة على استيعاب التكنولوجيا الحديثة وتفضيل العمل بالتكنولوجيا المتخلفة لانه لا يستطيع تحمل تكاليف التحديث .

   

ثانيا :الاستراتيجية المقترحة لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة:-

1- تطبيق المفاهيم والمبادئ والمهارات الادارية الحديثة :_
يأتى تطبيق المفاهيم والمبادئ والمهارات الإدارية الحديثة على كافة المشروعات بأنواعها المختلفة على رأس أولويات الاستراتيجيات المقترحة لتنمية الصناعات المصرية ، سواء كانت صغيرة الحجم او مشروعات كبيرة الحجم حيث يجب الاهتمام بكافة الوظائف الإدارية من تخطيط وتنظيم وتوجيه ورقابة وغيرها من إدارة الأنشطة المختلفة للصناعات الصغيرة من إنتاج وتسويق وتمويل وموارد بشرية وغيرها .

2-اختيار الموقع المناسب :
يجب ان يراعى عند اختيار الموقع للصناعات الصغيرة  تطبيق المبادئ الآتية :
-القرب من وسائل النقل والمواصلات فمثلا إذا تم اختيار مشروع فى أماكن صحراوية او فى مدن تم إنشاؤها حديثا لابد ان يكون المشروع قريب من وسائل النقل حتى يتسنى نقل المنتج بسهولة الى العميل النهائى والوسيط على الأقل وكذلك إمكانية سهولة نقل المواد الخام ومستلزمات الإنتاج الأخرى .
- توافر المرافق الرئيسية اللازمة لهذا المشروع فى موقع إنشائه من مياه ، كهرباء.
-توافر الايدى العاملة الماهرة بالقرب من الموقع بحيث حتى لا يتكلف المشروع نقل هذه العمالة .
--القرب من مصادر المواد الخام سواء فى الإنتاج الزراعى او الصناعى حتى تقل تكلفة النقل وتضمن التوريد وعدم الانقطاع وهناك ستة موارد رئيسية هى الأسواق ، الأموال ، الموارد البشرية ، الإدارة ويجب مراعاة التنسيق بين هذه الموارد بطريقة اقتصادية رشيدة عند تأسيس المشروع .
3 - تشجيع الصناعات الصغيرة على التصدير وذلك من خلال :
-منح مزايا تفصيلية للمشروعات التى تقوم بالتصدير سواء فيما يتعلق بالتمويل او تقديم خدمات التوزيع والتسويق الخارجى لها .
-تشجيع الصناعات الصغيرة على إقامة المعارض بالخارج للتعرف على منتجاتها وتسهيل عمليات التسويق .
-المساعدة فى إصدار خطابات ضمان لهذه المشروعات تكون صالحة لدى مراسلي البنوك المصرية فى الخارج ولتقديمها للمشترين الخارجيين.
-إعداد دراسات الجدوى المتكاملة للصناعات الصغيرة
- توافر الموارد البشرية المتخصصة إداريا وفنيا للقيام بوظائف و إدارة الصناعات الصغيرة .
- وجود فرص تصديرية متاحة أمام الصناعات الصغيرة
- توافر طبقة المنظمين والمروجين المبتكرين
- توافر البنية الأساسية والمرافق العامة بتكلفة منخفضة

- إعداد التشريعات المشجعة والمحفزة لإقامة الصناعات الصغيرة.


الخاتمة والتوصيات :

  من العرض السابق يتضح ازدياد أهمية الصناعات الصغيرة فى الآونة الأخيرة لاسيما مع تزايد التكنولوجيات القابلة للتطبيق فى منشات صغيرة وبذلك أصبحت الصناعات الصغيرة تتمتع بأهمية خاصة فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى العديد من بلدان العالم المتقدم او النامى ، واذا كانت الكثير من تجارب ومحاولات التصنيع والتنمية قد فشلت أو تعثرت فى بعض البلدان النامية فان ذلك لا يرجع الى وجود عيب فى استراتيجية الاعتماد على الصناعات الصغيرة فى التنمية وانما يرجع الى الإدارة الاقتصادية فى هذه الدول لأنها لم تستطيع أن تقف على حقيقة الدور الفعال الذى يمكن أن تلعبه هذه الصناعات  فى دفع عجلة التصنيع والتنمية .
فالاتجاه الذى ساد سياسات التصنيع والتنمية فى معظم البلدان النامية خلال العقود الماضية اعتمد على التصنيع من اجل الاحلال محل الواردات واعتمد على استيراد اكثر من الالات والمعدات تطورا وبناء الصناعات كبيرة الحجم حتى يتسنى لها الاحلال محل الواردات ، وقد أدى هذا الاتجاه الى التخلص والقضاء على ماقد توافر لدى تلك الدولة من قاعدة صناعية صغيرة كان من المفترض والمنطقى ان تكون هى الأساس والقاعدة فى تحقيق التراكم الصناعى اللازم لدفع عجلة التنمية الصناعية ، حيث انه من المهم النظر الى الصناعة ليس فى كونها عملية انتاج للسلع فحسب بل عمليات تصنيعية تتم على مراحل مختلفة متعددة فى وحدات صناعية مختلفة (صناعات صغيرة ) والتى يمكن ان يتم تجميعها فيما بعد.
   ولا تقتصر أهمية الصناعات الصغيرة على كونها مجرد طاقة إنتاجية مولدة للإنتاج والدخل وفرص العمل ، بل إنها  بمثابة المورد الذى تحصل منه الدولة على ما تحتاجه من الخبرات والمهارات الفنية والتنظيمية والإدارية اللازمة للتطور الصناعى.












 المراجع :

      1.        د.عبد الرحمن يسرى احمد ، تنمية الصناعات الصغيرة ومشكلات تمويلها ، الدار الجامعية للطباعة والنشر .

  2.   د.صفوت عبد السلام عوض الله ، اقتصاديات الصناعات الصغيرة ودورها فى تحقيق التصنيع والتنمية ، دار النهضة العربية ، القاهرة  1993.

      3.        وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ، النشرة الشهرية فى الصناعات الصغيرة والمتوسطة القاهرة ،  يونيو 2000.

      4.        البنك المركزى المصرى ،  التقرير السنوى  ،      أعداد متفرقة













ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق